هل نرث الخطيئة الاصلية بارواحنا أم بأجسادنا

 

قرأتُ بمقالة نشرت عن احد الاباء, نقلاََ عن كلام احد القديسين, عن المعمودية والهدف منها, اي أزالة الخطيئة الاصلية من الانسان وإحلال الروح القدوس عليهِ, وهنا ومن المقالة فهمتُ بأنَّ روح الانسان المولود من التزاوج البشري تتوالد من الابوين كما أجسادهم, وعليهِ  تم الاستنتاج بأن المولود او الانسان بروحهِ وجسدهِ, يحتاج للمعمودية لإزالة الخطيئة الاصلية من جسده وروحه, مما أثار عجبي! ودفعني لكتابة هذهِ المقالة للرد على هكذا إعتقاد. فدعنا نفهم الموضوع بأساسياته الكتابية, اي من الكتاب المقدس ذاته.

 

التكوين (2-7): ثُمَّ جَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ ، فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً. (8) وَأَقَامَ الرَّبُّ الإِلَهُ جَنَّةً فِي شَرْقِيِّ عَدْنٍ وَوَضَعَ فِيهَا آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.

 

آدم = نفسُُ حية = جسد (لحم + دم) خلقَهُ اللهُ من تُراب الأرض + روح من الله الخالق (نسمة منفوخة من الخالق)

حواء = نفسُُ حية = جسد (لحم + دم) خلقَها اللهُ من ضلعِ آدم + روح من الله الخالق (نسمة منفوخة من الخالق)

 

الانسان = نفسُُ حية = جسد (لحم + دم) متوارث + روح من الله الخالق (نسمة منفوخة من الخالق)

 

الروح : لا جنس لهُ لأَنَّهُ من الله, لا يتكاثر , لا ينشطر او ينقسم

 

نزعة الميل للخطيئة يتوارثها البشر عن طريق الجسد وليسَ عن طريق الروح, ففي اجسادنا يطغى ناموس الخطيئة, اما في ارواحنا فيطغى ناموس الله والبر, ولذا يقع الانسان في حيرة إختيار التصرف الصحيح, فناموس الخطيئة الذي في أعضائهِ يشدهُ إلى اسفل إلى الارضيات, بينما ناموس البر الذي في روحهِ اي في ضميره يحاول رفعهُ إلى فوق, اي إلى السماويات. وكما نرى ذلك واضحاََ من الايات:

 

رومية (7- 14): لأَنَّا نعلمُ أَنَّ الناموس روحيُّ لكني جسديُّ مبيعُُ تحت الخطيئةِ (15) فإِني لا أعرفُ ما أنا عامِلَهُ لأَنَّ ما أُريدهُ من الخير لا أَعملُهُ بل ما أَكرهَهُ من الشرِ إِياهُ أعملُ (16) فإِنْ كنتُ أنا أعمل ما لا أُريدُهُ فأنا شاهِدُُ  للناموسِ بأَنَّهُ حسنُُ (17) فألآنَ لستُ أنا أَعملُ ذلكَ بل ألخطيئةُ الساكنةُ فيَّ (18) فإني أعلمُ أّنَّ الخيرَ لا يسكنُ فيَّ أي في جسدي لأَنّ ألإرادةَ حاضِرةُُ لي وأما فِعلُ ألخيرِ فلا أجِدَهُ (19) لأَنَّْ  ما أُريدُهُ من الخيرِ لا أعملُهُ بلْ ما لا أُريدُهُ منَ ألشَرِّ إياهُ أعملُ (20) فإنْ كنتُ أنا أعملُ ما لا أُريدُهُ فلَستُ أنا أَعملُ ذلكَ بلِ ألخطيئةُ الساكِنَةُ فيَّ (21) ومِنْ ثَمَّ فإني عندَ إرادتي فِعلَ الخيرِ أجِدُ هذا الناموسَ وهو أَنَّ ألشرَ حاضِرُُ فيَّ (22) فإِني أَرتضي ناموسَ أللهِ بحسبِ الانسان الباطنِ (23) لكني أرى ناموساََ آخرَ في أَعضائي يُحاربُ ناموسَ روحي ويأسِرني تَحتَ ناموسِ الخطيئةِ ألذي في أَعضائي (24) أَلويلُ لي أَنا أَلإنسانَ ألشَقيَّ من يُنقذُني من جَسَدِ ألموتِ هذا. (25) نعمةُ أللهِ بيسوع ألمسيحِ ربَّنا. فأنا إِذنْ بالروحِ عبدُُ لناموسِ أللهِ وبألجَسَدِ عبدُُ لناموسِ ألخطيئةِ .

 

فكما ترون فنحنُ ألبشر عبيدُُ بالروح لناموسِ اللهِ , أما بالجسدِ فإننا عبيدُُ لناموسِ الخطيئةِ, أي إِنَّ ألميلِ للخطبئة ليس من أرواحنا فهي تتبع ناموسَ ألله, الذي صدرت منهُ , لكن هذا الميل للخطيئةِ فينا نتوارثهُ بأجسادنا التي نأخذها عن والدينا البشريين وهي ميالة للخطيئة لانها عبدةُُ لناموس الخطيئةِ التي إكتسبها والدينا الاولين آدم وحواء من أكل الثمرة المحرمة, واورثونا إياها جيل بعد جيل.

 

الصفات تتوارث في  (الجسد) الانسان كما يلي:

  

صفة منتنحية او غالبة من الام + صفة منتنحية او غالبة من الاب = الصفة الغالبة (الموروثة للجيل الثالي)

 

في حالة أَي البشر صفة الخطيئة متواجدة في الام + كذلك في الاب

 

إِذن توارث الخطيئة في حالة تزاوج البشر مع البشر

 

[    (اب + ام) اي ( أُنثى + ذكر ) اي (آدم + حواء )  ]

 

ميل للخطيئة ( متنحي) + ميل للخطيئة (متنحي) = ميل للخطيئة ( صفة موروثة للجيل التالي )

 

فلو كانت صفة الميل للخطيئة في الانسان صفة غالبة, لكنا خطاة بجملتـنا ولا يعد بإمكاننا  كبت الميل للخطيئة التي فينا ابداََ, لكن لأَنَّ صفة الميل للخطيئة هي صفة متنحية موروثة في الجسد لذا أمكن للبشر كبت الميل للخطيئة التي فيهم والسيطرة عليها, خاصةََ وانَّ ارواحهم فيها ناموس روحي اي ناموس البر الذي اودعهُ الله في الروح اي في الضمير الذي يُبكت الانسان ويقودهُ للسير في طريق البر والصلاح, ومن هنا تنشأ فينا محاولة الميل للبر والخير والذي يُثبتَهُ ويعضدهُ الروح القدس فينا عندما نسمح لله الدخول إلى حياتنا ونسلم لهُ ذواتنا.

 

اما في حالة الاستسلام لأَهوائنا وشهواتنا والميل للخطيئة التي فينا فيطغى على الانسان حالة من كبت تأنيب الناموس الروحي الذي في روح الانسان  اي كبت تأنيب الضمير والإستسلام ضمنياََ لنزعة الميل للخطيئة والسماح للروح الشريرة الدخول إلى حياة الانسان, فالشيطان في حينهِ يقوي ويُثبت ويعضد ويُضخم نزعة الميل للخطيئة ويُسَهِل إرتكاب كل المحرمات والشرور التي يرتكبها البشر!

 

أي فينا كما في آدم قبلنا روحُُ هي نفخهُ من الله, وفيهِ اي في روح كل واحدِِ منا ناموس الله, اي ناموس الضمير الذي تخضع لهُ أرواحنا, وناموس ضمائرنا هو الذي يُبكتُنا ويُنبِهنا عند إرتكابنا لاي خطيئة, أما أجسادنا التي نرثُها عن والدينا فهي عبدةُُ لناموس الخطيئة . فأرواحُنا تحاول رفعنا إلى فوق, إلى السماويات , أما اجسادُنا فتحاول أن تنزلنا إلى تحت إلى الارضيات, فألويلُُ لنا من جسدِ الموتِ هذا.


 لكنا نحمدُ الله فقد أنقذنا بناموس روح الحياة في المسيح يسوع وأعتقنا من ناموس الخطيئة والموت, فهذا هو ما أنجزَهُ الله لنا إِذ ارسلَ إبنهُ في شبهِ جسدِ خطيئة, وقضى على الخطيئة في اجسادنا, وليُتِمَّ ناموس بِرُ الله فينا نحنُ الذين لا نسلك بحسبِ الجسد بل بحسبِ الروح, فنعود إلى حالة البر والقداسة والخلود الاولى التي كان آبوينا فيها, ونُشارك المسيح في الحياة الابدية التي فيهِ, اي التي في الاقنوم الابن, ونصبح بجملتنا أَبناءِ الله, ومُكملين في الوحدة الثُلاثية الازلية.



نوري كريم داؤد


20 / 07 / 2010



"إرجع إلى ألبداية"